أخر الأخبار

تعريف السحر وأنواعه وأضراره على الفرد والمجتمع

تعريف السحر وأنواعه وأضراره على الفرد والمجتمع

تعريف السحر وأنواعه وأضراره على الفرد والمجتمع : ما هو لطيف وخفي سببه، ومن هنا سُمي آخر الليل سَحَراً. يُطلق على السحر هذا الاسم لأنه يعتمد على أسباب خفية، ولأن السحرة يمارسون أفعالاً غامضة تمكنهم من خداع الناس والتلاعب بأفكارهم، مما يؤدي إلى إلحاق الضرر بهم وسلب أموالهم بطرق لا تُكتشف غالباً. لذا، يُطلق على آخر الليل سحر، لأنه يحدث في وقت غفلة الناس وقلة نشاطهم. كما يُطلق على الرئة اسم “سحر” لأنها تقع داخل الجسم وتكون خفية.

شرعاً، يُعرف السحر بأنه عقد ورقى وكلمات يتلفظ بها الساحر أو يكتبها، أو يقوم بأفعال تؤثر بإذن الله في جسد المسحور أو قلبه أو عقله دون أن يتصل به مباشرة. ما يقوم به السحرة من خداع وتلاعب يُعتقد من قبل المشاهدين أنه حقيقة، بينما هو في الواقع ليس كذلك. كما ورد في القرآن الكريم عن سحرة فرعون: “قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى، قال بل ألقوا، فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى…” (طه/65-69).

يمكن أن يكون السحر ناتجاً عن أفعال يقوم بها السحرة مع عقود ينفثون فيها، كما قال الله تعالى: “ومن شر النفاثات في العقد” (الفلق/4). وقد يتضمن السحر أيضاً أعمالاً أخرى يتوصل إليها السحرة من خلال الشياطين، مما قد يؤثر على عقل الإنسان أو يسبب له مرضاً، أو يؤدي إلى تفريقه عن زوجته، فيصبح منظرها قبيحاً في عينيه، ويعمل الساحر على كراهية الزوج لزوجته، وهذا يُعتبر كفراً صريحاً كما ورد في القرآن: “واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا…” (البقرة/102).

يُخبر الله سبحانه وتعالى عن كفرهم بتعليم الناس السحر، ويشير إلى أن ما يُتعلم من السحر يفرق بين الزوجين، وأن هذا الشر كله يحدث بمشيئة الله وقدره. فالله عز وجل لا يُغلب، وكل ما يحدث في الدنيا والآخرة هو بقدر سابق لحكمة عظيمة أرادها. فقد يُبتلى البعض بالسحر، وآخرون بالمرض، أو القتل، وغيرها من الابتلاءات، وكل ذلك بحكمة بالغة من الله. كما قال: “وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله” (البقرة/102)، أي بإذنه الكوني القدري، وليس بإذنه الشرعي، حيث أن الشرع يمنع ذلك ويحرم السحر، لكن القدر الإلهي قد سبق وعلم أن يحدث السحر من فلان أو فلانة.

أقسام السحر:

ينقسم السحر بناءً على دور الساحر والجني إلى قسمين رئيسيين:

القسم الأول: (القاعدة):
تشير القاعدة إلى الأعمال التي تُتناول عن طريق الفم، حيث تصل تأثيراتها إلى المعدة ثم تنتشر في الجسم. كما تشمل الأعمال التي تُرش على الأرض في الأماكن التي يمر منها المسحور، وغالبًا ما تكون هذه الأماكن عتبات المنازل أو المحلات، أو ما شابه ذلك. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تُدفن القاعدة في التراب أو تُلقى في مياه جارية.

القسم الثاني: (الخادم):
يمثل الخادم من شياطين الجن الذين ينفذون السحر المرتبط بالقاعدة، ويتولى تنفيذ الأوامر التي يُعطيها له كبار الشياطين الذين هم حلفاء الساحر. هؤلاء الشياطين الكبار هم خدام الطلاسم والأسماء الشيطانية، حيث يأمرون الخادم بتنفيذ ما يطلبه الساحر. على سبيل المثال، قد يقرأ الساحر تعويذته الشيطانية أو يكتب طلاسمه، ثم يتوكل بقوله: “توكلوا يا خدام هذه الطلاسم أو العزائم بالتفريق بين فلان ابن فلانة وفلانة بنت فلانة”، فتبدأ الخدام في تنفيذ السحر وتبدأ معاناة المسحور.

أنواع السحر:

يؤكد العلماء أن هناك أنواعًا متعددة من السحر، وسنستعرضها بإذن الله تعالى لتمكين المسلم الصادق من التعرف عليها، وبالتالي الحذر منها وتحذير الآخرين، لأنها قد تؤدي إلى الوقوع في ظلمات الكفر وغياهب الشرك، وتبعد عن الله تعالى، وتعتبر تكذيبًا له وتصديقًا للشيطان وأعوانه. ومن أنواع السحر ما يلي:

النوع الأول: ما يستخدمه الساحر:

ينقسم هذا النوع إلى عدة فئات:

أولاً: السحر التخيلي:
هذا النوع لا يمتلك حقيقة، بل هو مجرد خيال وشعوذة، ويُعرف أيضًا بالقُمْرَة. يقوم الساحر بخداع الناس ليظهر لهم أشياء غير حقيقية، مثل إدعاء دخوله النار، أو المشي على حبل كما يحدث في السيرك، أو إيهامهم بأن سيارة تسير على بطنه، أو طعنه لنفسه بسيف، أو ثني الحديد برقبته أو بعينه. كل هذه الأفعال تُعتبر من السحر التخيلي الذي يتم بمساعدة الجن. كما ورد في القرآن الكريم في قصة موسى عليه السلام وسحرة فرعون: “قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى”، وأيضًا: “قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم”. يعتمد سحرهم على الزئبق ومواد أخرى غير مرئية للناس، مما يجعلهم يظنون أنها تتحرك.

ثانياً: السحر الحقيقي:

ينقسم السحر الحقيقي إلى عدة أقسام، منها:

1. الرقى: تشمل الرقى غير الشرعية، التي تعتمد على قراءات وطلاسم شركية يستخدمها الساحر لإرضاء الجان، ولا يتحقق ذلك إلا بالكفر بالله تعالى، مما يجعل هذا النوع كفراً صريحاً. ومع ذلك، قد تكون الرقية شرعية إذا كانت مستندة إلى القرآن والسنة، مع توافر الشروط الثلاثة التي سنذكرها لاحقاً إن شاء الله. وقد ورد عن عوف بن مالك الأشجعي أنه قال: “كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: ‘اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك'” [أخرجه مسلم].

2. الأدوية والعقاقير: تؤثر هذه المواد في جسد المسحور وعقله وإرادته، ومن بينها الصرف والعطف. فالصرف يعني التفريق بين الزوجين أو الأصدقاء، بينما العطف يعني توفيق بين الزوجين أو استجلاب محبة بعض الأشخاص بغرض استغلالهم أو ارتكاب ما حرمه الله، مثل استمالة قلب امرأة لفعل الفاحشة. وهذا النوع يعد فسقاً وظلماً وعدواناً، وهو محرم، لكنه لا يكفر صاحبه إلا إذا استخدم الجان والشياطين، وارتكب مكفراً من المكفرات، مثل الذبح لغير الله أو الدعاء لغير الله أو قتل مسلم.

3. علم التنجيم: يتضمن هذا العلم أنواعاً متعددة، ومن أبرزها ما يقوم به عبدة النجوم من اعتقادات حول النجوم السبع وغيرها. فقد بنوا معابد لها وصوروا تماثيل بأسمائها، وأقاموا لها مناسك وشرائع يعبدونها بطرق معينة. كما ينظرون في حركات الأفلاك ودورانها وطلوعها وغروبها، معتقدين أن لكل نجم تأثيراً مستقلاً، مما يعني أنهم ينكرون تدخل الله في ذلك، تعالى الله عما يقولون. ويعتقدون أن للنجوم تأثيرات عند اقترانها وافتراقها، ويستدلون بذلك على الحوادث الأرضية، مثل القول: “إذا اقترن النجم الفلاني بالنجم الفلاني، سيحدث كذا وكذا”.

كما يربطون بين ولادة الإنسان في نجم معين وسعادته أو شقائه، أو يقولون إن ظهور نجم معين يعني هطول المطر. وهذا اعتقاد خاطئ، فالنجوم لا علاقة لها بمثل هذه الأمور، فكل شيء بقدر الله ومشيئته. وقد جاء في حديث زيد بن خالد الجهني في غزوة الحديبية، حيث قال:

“صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة على إثر سماء من الليل، فقال: ‘قال الله تعالى: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فمن قال: مُطرنا بنوء كذا وكذا، فإنه كافر بي مؤمن بالكواكب، ومن قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب'” [أخرجه مسلم]. ويعني بذلك أن من يعتقد أن سبب المطر هو نجم معين أو كوكب معين، فهو كافر بالله تعالى. وقد شهدنا فصولاً تتساقط فيها الأمطار، ومع ذلك لم يحدث ذلك، فكل شيء بقدر الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *